مخلوق صغير.. وخطير
الدكتور: عماد عطا البياتي
اخصائي طب المجتمع
يتوقع العلماء أن ينتشر مرض الانفلونزا هذا العام بصورة واسعة وخطيرة، واستعدت منظمة الصحة العالمية ومعظم الدول الغربية لتصنيع وانتاج اللقاح المناسب لهذا الفيروس الذي سينتشر هذا العام ويسبب المرض الذي استعصى على العالم مكافحته بسبب خواصه العجيبة والمذهلة والتي تمكنه من تغيير نوعية غلافه البروتيني كل فترة من الزمن (2-5 سنة تقريبا).
وهذا الفيروس هو مخلوق صغير جدا كباقي الفيروسات لا يمكن رؤيته إلا بالمجاهر الالكترونية عالية الدقة، ولا يتكون جسمه إلا من المادة الوراثية الأساسية وغلاف بروتيني، ويختلف العلماء فيه هل هو مخلوق حي لاحتوائه على المادة الوراثية القابلة للتكاثر كباقي الكائنات الحية أم هو كائن غير حي بسبب عدم قابليته على الحياة بصورة مستقلة وانما يعتمد في حياته وتكاثره على خلايا الكائنات الحية الأخرى؟.
أصدرت منظمة الصحة العالمية ووزارات الصحة والمؤسسات الصحية المعنية في دول عديدة نشرات إرشادية لتوعية الناس حول كيفية التصرف عند الإصابة بالمرض (من هذه الإرشادات: الراحة والاستلقاء في الفراش وشرب كميات كبيرة من الماء والسوائل الأخرى وأكل الفواكه والليمون وأخذ المسكنات البسيطة وغيرها من الإرشادات العامة)، وما هي العلامات والأعراض التي يتوجب معها مراجعة الطبيب (عمر أكبر من 65 سنة والإصابة السابقة بأمراض القلب والرئتين المزمنة وضعف المناعة العامة والأعراض الشديدة للمرض)، وغيرها من المعلومات والإرشادات الضرورية التي تساهم في معالجة المشكلة والحد من تفاقمها.
قرأت عن الموضوع واستحضرته في ذهني لأهميته ولاستشعاري ضرورة التعامل معه بدقة وحرفية عالية، ولكن في نفس الوقت خطرت في ذهني الأفكار التالية:
هذا المخلوق الصغير والخطير في نفس الوقت شغل انتباه العالم وبُذلت جهود بحثية وعلمية ومادية كبيرة جدا لمجابهته والحد من ويلاته. قارنت هذه المخلوق مع الإنسان وقلت مع نفسي: هل يستطيع أحد من الناس أن يؤثر هكذا في المجتمع الدولي بصورة أو بأخرى ـ مع ملاحظة الفارق بأن يكون هذا التأثير الذي نبحث فيه إيجابيا وليس سلبيا كما في حالة الفيروس ـ، وكيف سيتمكن من ذلك، وبأية وسيلة، وكم هي الفترة الزمنية التي يحتاجها؟!!!. سؤال غريب وعجيب، ولكني أحسست به وفكرت فيه طويلا. ثم توصلت إلى القناعة التالية: إن هذا الفيروس هو جندي من جنود الله، يعمل بطاعته ويذعن لأمره بصورة مثالية كاملة تستحق أن يُقتدى بها، ومن هنا جاء هذا التأثير وتمكن من هذا النجاح المعنوي الذي يتماشى مع قابليته واستعداده للتكاثر والانتشار. بينما نجد أن في حاله الإنسان قلما نجد إنسانا بهذه الدرجة العالية من الطاعة والإذعان المثالي لخالقه وإلا لتمكن من النجاح والانتشار في فكره ودعوته.
إذن أظنني قد وجدتها!!!. نعم، من يريد النجاح والتأثير في الناس عليه أن يلتزم بالجندية العالية والطاعة المثالية لرب السموات والأرض وبهذا يكون جندي من جنود الله ويكسب تأييد الله فيعلوا ويزدهر ويؤثر، أما من أعرض ونأى بجانبه عن طاعة مولاه والتمثل بالجندية الحقيقية فلا يرتجي سوى الويلات والنكبات والهزائم العريضة، وإذا لم تصدقوا قولي هذا إقرأوا قصة فيروس الإنفلونزا واعتبروا بها.
عافانا وعافاكم والله من شرور الأمراض..والنكبات.
[center]